رفضت هيئة الرقابة بالتلفزيون المصري تصوير مسرحية "البؤساء" عن رواية الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوجو، إلا أنها لم تفصح عن أسباب رفضها لتصوير المسرحية.
غير أن موضوع المسرحية جعل أسرة العرض تتوقع هذا الرفض؛ حيث يتناول" جان فالجان"، الذى دخل السجن بعد أن سرق رغيف خبز لابنة أخته الطفلة، التي كانت تتضور جوعا، وهي إشارة وجدتها الرقابة -بحسب بعض المصادر- تتماس مع واقع يعيشه المصريون الفقراء، الذين زادت أزماتهم خاصة مع رغيف الخبز.
كما يتضمن الحوار بين "فالجان" والشرطي أن هناك من يستحق السجن أكثر من لص الرغيف، وهم الذين يتاجرون بأقوات الناس ويمنعون الطعام عنهم من خلال احتكارهم له.
رغيف الخبز كان سببا لسجن "جان فالجان" هو نفسه الذي كان سببا في أزمات أدت ما يعرف بـ"شهداء الخبز"، الذين قضوا نحبهم أثناء وقوفهم في الطوابير.
ويطرح العمل المسرحي تساؤلا حول من الذى دفع الناس للسرقة وبيع الأعراض والضمائر؟
وقدم العرض المسرحي شباب مسرح الطليعة، وترجمه وأعده للمسرح "أسامة نور الدين"، الفائز بجائزة أحسن تأليف العام الماضي، وأخرجه هشام عطوة صاحب جائزة الإخراج، لتكتمل منظومة الجوائز بمعد الموسيقى "طارق مهران" الفائز أيضا بجائزة أحسن موسيقى، و"صبحي السيد" مهندس الديكور، الذي فاز بجائزة أحسن سينوغرافيا في مهرجان المسرح القومي العام الماضي.
كان البيت الفني للمسرح قد استعد لاستدعاء فنيو شركة "صوت القاهرة" لتصوير المسرحية، وفقا لبروتوكول تعاون معها، إلا أن الرقابة التي تسبق التصوير رفضت العمل باعتباره غير مناسب للعرض التلفزيوني، وأنه سيجد صعوبة في تسويقه.
مناطق للضحك وسط القتامة
كان المعد والمخرج قد حرصا على تأكيد مناطق الضحك في العرض بمساعدة خالد النجدي للخروج من حال القتامة الناتجة عن معاناة "فالجان" و"فانتين"، التي تذكر فالجان بمأساته، عندما يتعرف على البؤس الذي تعيشه.
إدارة مسرح الطليعة، ممثلة في الفنان محمد محمود، قررت إنقاذ العرض بتصويره بمعرفة المركز القومي للمسرح للاحتفاظ به كذاكرة، طالما أن هناك استحالة في تصويره تلفزيونيا.
"البؤساء"، ببطولة كمال سليمان، يحيى أحمد، ولاء فريد، خالد النجدي، مصطفى طلبة، نيرمين زعزع، أمانى البحطيطي، تامر الكاشف، محمد علام، ويصمم ديكور العرض صبحي السيد.
الغريب أن المسرحية عرضت على المسرح القومي لمدة شهر من إنتاج مسرح الطليعة، ووافقت عليها رقابة المسرح التابعة لوزارة الثقافة، وفجر رفض رقابة التلفزيون مسألة ازدواجية المعايير بين أجهزة الرقابة، بعد أن رفضت رقابة التلفزيون ما وافقت عليه رقابة وزارة الثقافة.
ومعروف عن رقابة المسرح أنها أكثر مرونة من رقابة التلفزيون؛ حيث ينظر للعمل المسرحي على أنه مهما بلغ نجاحه يظل محدود الانتشار، بينما يقدر جمهور التلفزيون بالملايين.
ويستدل على مرونة رقابة المسرح بسماحها بعرض "القضية 2007" مؤخرا للكاتب يسري الجندي، والتي توقف عرضها لأسباب لا علاقة لها بالرقابة، ومن قبلها عرض "اللعب في الدماغ"، الذي وجه انتقادات لاذعة لأمريكا والحكام العرب مع بدء الاحتلال الأمريكي للعراق.